الحج ومكارم الأخلاق
د. إبراهيم بن ناصر الحمود
الحج أكبر مؤتمر إسلامي، يحضره المسلمون من أنحاء العالم في فترة محدودة وفي مكان معين، فيترك كثيراً من الآثار الحسنة في الحجاج؛ لكونه مدرسة إيمانية يتعلم فيها الحجاج كثيراً من أمور دينهم وآدابهم الشرعية.
لذا نجد الحج في كل عام يثمر ثماراً يانعة من الأخلاق الفاضلة التي يتصف بها الحجاج؛ بسبب تواجدهم في المشاعر المقدسة وأداء مناسك الحج وفق السنة المطهرة مما يجعل الحاج يتحلى بالسلوك الحسن والخلق الفاضل المستمد من أخلاق النبي –- صلى الله عليه وسلم - القائل:"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"والقائل:"خذوا عني مناسككم".
ويمكن القول بأن من أبرز الأخلاق الفاضلة التي يتحلى بها الحجاج في موسم الحج ما يلي:
(1) التآلف والتآخي رغم قصر المدة، فكأنهم أبناء رجل واحد؛ لما ترى بينهم من التعاون والتآزر والتكافل والإيثار مع تعدد جنسياتهم وتباعد بلادهم. وهذا من حكمة الله في العبادات وما تتركه من الأثر في النفوس، فالله - تعالى - يقذف في قلوب الحجاج العطف والشفقة والرحمة.
(2) النصح لكل مسلم؛ فالدين النصيحة، فالحاج إذا رأى أخاه المسلم على خطأ أو معصية أو مخالفة شرعية بادر بنصحه وبيان الحق والصواب خاصة وهو يؤدي مناسك الحج والعمرة تنـزيهاً لتلك العبادة مما ينقص أجرها.
(3) البعد عن مواطن الرفث والفسوق والجدال؛ لأن الحاج يحرص على أن يكون حجه مبروراً، والحج المبرور هو الخالي من ذلك كله.
(4) التذلل والخشوع والانكسار بين يدي الله - تعالى -، وهذا هو خلق المسلم في أداء العبادات، فلا يليق بالمسلم أن يتكبر أو يتعالى على الله أو يمن عليه بهذه العبادة؛ فالله هو المنان إذ هدانا إلى هذا الدين القويم.
(5) المواساة والمساواة وهما من الأخلاق السامية بين المسلمين، فالحاج ينفق على أخيه المحتاج خاصةً إذا كان من بلد بعيد، فهو من أبناء السبيل الذين تحل لهم الصدقة، وأجرها عند الله عظيم، وما أكثرهم في موسم الحج أولئك الذين يأتون من بلاد فقيرة ينتظرون العون من الله من إخوانهم الحجاج الذين هم يد واحدة! والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
(6) الإيثار: وهو أفضل خلق يتحلى به المسلم. قال - تعالى -:"ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"فتجد الحاج يؤثر أخاه على نفسه في أكله، وشربه، ومركبه، ولباسه. وهذا معنى كون المسلمين كالجسد الواحد، ذلك بفضل الله ثم بفضل الإسلام الذي جعل بين المسلمين مودة ورحمة، فلله الحمد والمنة، فما تجده بين المسلمين من تعاون، وتكافل، وتعارف، وتآخي كل ذلك ناتج عن آثار تلك المحافل الإسلامية التي يلتقي فيها المسلمون كل يوم أو كل أسبوع أو كل عام وصدق الله العظيم إذ يقول:"إنما المؤمنون إخوة".